تموت الحكاية كما تموت كل الأشياء حولنا وموت حكاية لا يعني حكاية انتهت أو تفاصيل تلاشت أو طقوسا" لم يعد لها وجود أو دفتر حب كان مفتوحا" وأغلقناه أو قصيدة عشق لم تعد صالحة للقراءة.
فموت الحكاية يا سيدي....
هو موت إحساس
إحساس كان يعيش فينا ونعيش فيه
إحساس كنا نتنفسه كي يبقى
إحساس كنا نسقيه دمنا كي يبقى
إحساس كان يجعل الوجود أروع
إحساس كان يشعرنا بأننا على قيد الحياة
موت الحكاية يا سيدي
هو موت حلم
حلم كان نابضا" بالحياة
حلم كنا نخبئه تحت وسائدنا كي ندفئه
حلم كان يخبئنا في بحر الأمان كي يدفئنا
حلم كنا نحمله كالطفل في أعماقنا
حلم كنا نهدهده كي يغفو في خيالنا للأبد
حلم كنا نسعى كي يكتمل ويكبر
حلم كنا نخشى عليه تقلبات الواقع
حلم كنا نتمنى أن يدوم ويدوم ويدوم
موت الحكاية يا سيدي
هو موت ليل
ليل كان دافئا" كالأوطان
ليل كان رائعا" كليل الشعراء
ليل كان حميميا" كحنين الطفولة
ليل كان قاسيا" كانتظار الأحبة
ليل كان حنونا" كقلوب الأمهات
موت الحكاية يا سيدي
هو ولادة الخوف
ولادة الخوف بكامل أجزائه وكامل قواه
وكامل قسوته وكامل سيطرته وكامل انتصاراته
موت الحكاية هو فقدان الأمان الذي كان لنا أرضا" ومحطات وشواطئ ومراسي
موت الحكاية هو انطفاء الشموع وانتهاء طقوس العشق واشتعال مصابيح الوحدة وولادة الصمت واتساع رقعة الفراغ بنا وضيق الوجود من حولنا.........
فلا نتسع لشيء...ولا شيء يتسع لنا.....
موت الحكاية هو انكسار المرايا وضياع ملامحنا فيها, هو تهشم وجوهنا حزنا", هو انطفاء أعيننا بكاء", هو استبداد الحزن بنا.
موت الحكاية هو احتراق دفتر غلافه عمرنا....أوراقه سنواتنا......سطوره أحداثنا....كلماته ذكرياتنا.....عباراته أمانينا.يخبئ بين السطر والسطر أسرارنا المعتقة..وبين الورقة والورقة رائحة حكاية محترقة.....
موت الحكاية هو إسدال الستائر المظلمة على أشياء كانت ولم تعد, وإحساس كان ولم يدم, وحلم لم يتحقق, ومرحلة لم تكتمل.
نعم, عندما تموت الحكاية...
لا نموت, لكن يموت فينا من الأشياء والأحداث والإحساس ما يجعلنا نشعر بتوقف الحياة من حولنا........